مقالات رئيس التحرير

“الإعلام بين الواقع والرسالة: هل يؤدي دوره المنشود؟”

عندما نتحدث عن الإعلام، فإننا نتحدث عن مؤسسة تعد ركيزة أساسية لبناء المجتمعات وتنوير الرأي العام. الرسالة المثالية للإعلام هي نقل الحقائق بدقة، وتعزيز الفهم والتواصل بين الأفراد، ودعم القضايا الإنسانية والمجتمعية، ولكن هل يحقق الإعلام اليوم هذه الرسالة على أرض الواقع؟

في ظل تسارع العصر الرقمي وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي، أصبح الوصول إلى المعلومات أكثر سهولة من أي وقت مضى، لكن هذا التطور جاء مع تحديات كبيرة. أولها انتشار الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة التي تهدد مصداقية الإعلام. كثيراً ما يُستخدم الإعلام كأداة لتحقيق أجندات سياسية أو اقتصادية، مما يقلل من حياديته ويثير التساؤلات حول الرسالة التي يحملها.

كما أن ضغط المنافسة بين المؤسسات الإعلامية أدى إلى التركيز على الإثارة بدلاً من التعمق والتحليل الموضوعي، حيث أصبحت العناوين الجذابة والمحتوى سريع الاستهلاك الأولوية بدلاً من البحث العميق ونقل الحقيقة.

على الجانب الآخر، يجب ألا نتجاهل الدور الإيجابي للإعلام في تسليط الضوء على قضايا جوهرية، مثل حقوق الإنسان، تغير المناخ، والأزمات الإنسانية. هناك أمثلة حية على وسائل إعلام تتحلى بالمسؤولية وتلتزم بالمصداقية، مما يؤكد أن الإعلام اليوم يمكن أن يحقق رسالته إذا ما التزم بضوابط المهنية والحياد.

يبقى السؤال الأهم: كيف يمكن للإعلام أن يستعيد دوره كمنبر للحقائق ووسيلة لبناء المجتمعات؟ ربما يكمن الحل في تعزيز التحقق من المعلومات، رفع مستوى الوعي الإعلامي بين الجمهور، وضمان استقلالية المؤسسات الإعلامية بعيداً عن أي تأثيرات خارجية.

الإعلام ليس مجرد أداة، بل هو شريان الحياة للمعرفة والمشاركة المجتمعية. فإذا أراد أن يحقق رسالته حقاً، يجب أن يعيد النظر في مساراته ويجدد التزامه بالمصداقية والشفافية. هذه هي الخطوة الأولى نحو إعلام يحترم عقله وجمهوره.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى