Table of Contents
مراجعة كتاب: “النساء لسن بخيرات: تاريخ الجنون من أجل الحرية” بقلم هوب ريز
“النساء لا يقتلن لأنهن شريرات، بل لأنهن لم يجدن من يسمع صراخهن.”
“التاريخ الرسمي هو سردية المنتصر، والنساء نادراً ما كنّ في موقع الانتصار.”
تخيلي أنكِ تعانين من كرب عاطفي شديد لدرجة أن جسدك يتفاعل بشكل غريب: يصبح بصرك ضبابيًا، أو تشعرين بشلل في ساقيك، أو تفقدين صوتك فجأة. تذهبين إلى الطبيب، الذي يفحصك بسرعة ويشخص حالتك على أنها “هستيريا أنثوية”. الحل؟ ربما الراحة في السرير، أو اتباع نظام غذائي، أو “العلاج بالتدليك” في المناطق الحساسة لتحقيق “الذروة الهستيرية” (وهو المصطلح الطبي الرسمي الذي كان يستخدم للنشوة الجنسية)، أو حتى الخضوع لعملية استئصال الرحم. إذا فشل كل ذلك، فقد ينتهي بك المطاف في ملجأ للمجانين.

هذا لم يكن مجرد حبكة لفيلم رعب؛ بل كان حقيقة واقعة للعديد من النساء في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر وأوائل القرن العشرين. هذا هو العالم الذي تستكشفه الكاتبة هوب ريز في كتابها الجديد القوي، “النساء لسن بخيرات: تاريخ الجنون من أجل الحرية”.
الكتاب ليس مجرد سرد تاريخي جاف؛ بل هو استقصاء شخصي وعاطفي. تبدأ ريز، وهي صحفية، برواية قصة جدتها، إديث، التي عانت من نوبات هلع وقلق طوال حياتها، وتم وصفها بأنها “عصبية”. تدفعها هذه القصة الشخصية للبحث عن إجابات: لماذا، عبر التاريخ، تم تجاهل آلام النساء الجسدية والنفسية، أو تسويغها، أو وصمها، أو تشخيصها بشكل خاطئ على أنها “هستيريا”؟
ما هي “الهستيريا” حقًا؟
يشرح الكتاب أن مصطلح “الهستيريا” (المشتق من الكلمة اليونانية “رحم”) كان تشخيصًا شاملاً لكل شيء لا يستطيع الأطباء الذكور في ذلك الوقت فهمه. كانت الأعراض حقيقية ومزعجة للغاية: نوبات صرع، شلل، هلوسة، اكتئاب حاد، قلق منهك. لكن بدلاً من البحث عن الأسباب الجذرية، ألقى المجتمع باللوم على رحم المرأة “الشارد”، أو طبيعتها العاطفية “غير المستقرة”، أو ببساطة على كونها امرأة.
تقول ريز: “كان يُنظر إلى النساء على أنهن كائنات تحكمها أحشاؤهن، وأرحامهن، وغريزتهن. وكانت قوتهن العاطفية مصدر رعب للرجال”.
وجوه معاناة لا تُحصى

بدلاً من التركيز فقط على النظريات الطبية، تقدم ريز قصصًا إنسانية مؤثرة. نقرأ عن:
- إليزابيث باكارد، التي أودعها زوجها، وهو قس، في ملجأ لمجرد أنها تحدثت عن معتقداتها الدينية المختلفة. كتاباتها عن هذه التجربة المروعة ساعدت لاحقًا في إقرار قوانين لحماية حقوق المرضى في دور الرعاية.
- لوبين براون، امرأة سوداء تم تشخيصها بالهستيريا ورفضت الصمت، وكتبت رسائل تشرح معاناتها وتطالب بمعاملة أفضل، مما يسلط الضوء على الطبيعة العنصرية للطب في ذلك الوقت.
- نانا، الشخصية الشهيرة في رواية “البيت الفرح” للكاتبة تشارلوت بيركنز جيلمان، والتي تستند إلى تجربة الكاتبة الشخصية مع “علاج الراحة” القاسي الذي زاد من حالتها سوءًا.
تربط ريز بحذق بين هذه الحالات التاريخية وأزمات الصحة العقلية المعاصرة. تشير إلى أن النساء اليوم ما زلن يواجهن تحديات مماثلة: يتم تجاهل آلامهن (خاصة بالنسبة للنساء الملونات)، أو يتم وصف المسكنات لهن بسرعة بدلاً من البحث عن الأسباب الجذرية، أو يتم تحميلهن مسؤولية “التفكير الإيجابي” للخروج من الاكتئاب والقلق.
الجنون كوسيلة للحرية والتمرد
أحد أكثر الأفكار إثارة للاهتمام في الكتاب هو طرح ريز لفكرة أن “الجنون” كان، في بعض الحالات، وسيلة للتمرد والحرية. في عالم كان فيه الخيار الوحيد للمرأة هو الزواج وتربية الأطفال، كانت الانهيارات العصبية أحيانًا بمثابة صرخة يأس أخيرة، أو طريقة لا واعية للهروب من قيود المجتمع. تقول ريز: “في بعض الأحيان، كان الجنون هو الطريقة الوحيدة لكي ترفض المرأة الدور الذي فرض عليها”.
خلاصة قوية وضرورية
“النساء لسن بخيرات” هو كتاب مؤلم في بعض الأحيان، ولكنه ضروري للغاية. إنه يذكرنا بأن معاناة النساء حقيقية، وأن تاريخ الطب مليء بالتحيزات الجنسية والعنصرية التي لا تزال آثارها موجودة حتى اليوم.
الكتاب ليس هجومًا على الطب الحديث، بل هو دعوة للاستماع، للتعاطف، وللفهم. تدعو ريز القارئات إلى الثقة في حدسهن عندما يشعرن بأن شيئًا ما ليس على ما يرام في أجسادهن أو عقولهن، وعدم قبول الردود المبسطة مثل “إنه مجرد توتر” أو “إنه في رأسك”.
في النهاية، يقدم الكتاب confortًا من نوع خاص: confort في معرفة أنكِ لستِ وحدك، وأن معاناتك ليست ضعفًا، وأن تاريخ طويل من النساء وقفن من قبلكِ يطالبن بحقهن في أن يُسمعن ويُشفين. إنه تأكيد قوي على فكرة بسيطة لكنها عميقة: لا، النساء لسنَ دائمًا “بخيرات” – وهذا أمر مقبول تمامًا.
المصدر: Daily Mail – مراجعة بقلم كاثرين هيوز
ترجمة خاصة بـ الود نيوز