في كل موسم انتخابي، تعود ذات المشاهد، ذات الشعارات، وذات الوجوه. كأننا نعيد عرض مسرحية مألوفة، نعرف نهايتها مسبقًا، لكننا نتابعها على أمل أن يتغير شيء في النص أو في أداء الممثلين. إلا أن الواقع يُصرّ على أن يبقى كما هو، بل ربما أكثر عبثًا.
الانتخابات في العراق، كما اعتدناها، لا تحمل جديدًا سوى تواريخها. أما الوعود، فهي ذاتها: توزيع أراضٍ، زيادة رواتب، توفير وظائف، تحسين خدمات، وإنهاء الفساد. وكم تبدو هذه الوعود براقة في عيون من أنهكهم الانتظار، لكنها في حقيقتها لا تعدو كونها أكاذيب انتخابية يعرف المرشح قبل غيره أنه لن يحققها، ويعرف الناخب قبل غيره أنها لن تتحقق.
المفارقة المؤلمة أن كثيرًا من تلك الوعود ليست من صلاحيات النائب أصلًا. فالنائب لا يملك سلطة تنفيذية لتوزيع الأراضي أو تعيين الموظفين أو رفع الرواتب. لكنه يملك، في المقابل، أن يحصل على قطعة أرض له، وراتب ممتاز له، ووظائف مضمونة لإخوته وأقاربه. وهنا تتجلى المفارقة: ما لا يستطيع أن يقدمه للناس، يقدمه لنفسه ومن حوله بسهولة.
إن ما يجري هو خلل في الوعي الجمعي الذي يقبل بهذه الدورة العبثية دون مساءلة. فحين نمنح أصواتنا لمن لا يملك أدوات التغيير، أو لمن لا يؤمن به أصلًا، فإننا نعيد إنتاج ذات الفشل، ونمنحه شرعية جديدة.
الانتخابات يجب ان تكون أداة حقيقية للتغيير. وعلينا ان نكسر هذه الحلقة المفرغة من التكرار، واذا لم نكسرها فسنبقى ندور في فلك الوعود الكاذبة، ننتظر ربيعًا لا يأتي، ونصفق لمسرحية بلا نهاية.
