أعلنت شركات الإنتاج في هوليوود عن مشروع سينمائي جديد يستند إلى فيلم «دم أول» (First Blood) الشهير الذي أخرجه تَد كوتشِف عام 1983، وقام ببطولته النجم سيلفستر ستالون. المشروع الجديد لن يكون إعادة إنتاج للفيلم الأصلي، بل مقدّمة (Prequel) تستعرض حياة جون رامبو قبل أحداث الفيلم الأول.
وقد تم اختيار المخرج الفنلندي جالماري هيلاندر لقيادة العمل، فيما لم يُعلن بعد عن اسم الممثل الذي سيجسد شخصية رامبو، التي ارتبطت طويلاً بوجه ستالون. الفيلم الأصلي، المقتبس عن رواية للكاتب ديفيد موريل، كان نقطة انطلاق لسلسلة سينمائية امتدت لأربعة أجزاء بين عامي 1985 و2019.
لكن التحدي الأكبر أمام الفيلم الجديد يكمن في تقديم سرد غير تجاري، يحافظ على العمق السياسي والاجتماعي الذي ميّز «دم أول». فالفيلم الأصلي لم يكن مجرد عمل أكشن، بل تناول بجرأة أزمة المحارب العائد من حرب فيتنام، الذي يواجه رفضاً وعداءً داخل وطنه.
افتتح «دم أول» بمشهد مؤثر لرامبو وهو يبحث عن رفيق سلاح قُتل في الحرب، ليكتشف أن الدولة لم تكلف نفسها حتى بإبلاغ والدته. ثم ينتقل إلى بلدة صغيرة حيث يُستقبل بعدائية من قبل الشرطة، ويُحتجز دون تهمة، ما يفتح الباب أمام صراع بين الفرد والنظام، وبين الجندي المهزوم والدولة التي ترفض الاعتراف بخسارتها.
رامبو، الذي ينتمي إلى وحدة قتالية خاصة، لا يستسلم، بل يستخدم مهاراته للبقاء والهرب، في سلسلة من المواجهات التي تكشف عن عمق الجرح الذي يحمله. الفيلم ينتهي باعتراف رامبو بأن الحرب فُرضت عليه، وأن السياسيين تلاعبوا بنتائجها، ما جعله ضحية مرتين: في فيتنام وفي وطنه.
الفيلم الجديد، الذي لم يُكشف بعد عن تفاصيل سيناريوه، يثير تساؤلات حول ما يمكن إضافته إلى القصة الأصلية. هل سيغوص في تفاصيل الحرب الفيتنامية؟ أم سيركز على التحولات النفسية التي سبقت وصول رامبو إلى البلدة المعادية؟
النقاد يتخوفون من أن يتحول المشروع إلى مجرد فيلم أكشن مليء بالعنف، يفتقر إلى الرسائل الإنسانية والسياسية التي جعلت «دم أول» علامة فارقة في تاريخ السينما. فالقيمة الحقيقية تكمن في تصوير العزلة التي يعيشها المحارب، وافتقاده للألفة والاحتواء، في مجتمع يراه عبئاً لا بطلاً.
وفي حال لم ينجح الفيلم الجديد في استعادة هذا العمق، فقد ينزلق إلى تكرار نمط الجزء الثاني من «رامبو» (1985)، الذي تحوّل إلى معرض للقتل والقتال، بعيداً عن التأملات التي ميّزت الفيلم الأول.
تبقى الأنظار معلّقة على ما ستقدمه هوليوود في هذا المشروع، بين طموح فني يعيد الاعتبار لرامبو كرمز إنساني، وبين إغراءات السوق التي قد تفرغ الشخصية من مضمونها.